بجسد ضعيف، وبشرةً سمراء، تقف فتاة عشرينية ترتدي بالطو أبيض، في محلاً لبيع اللحوم، وهي تقطع أجزاء الماشية، أمام انظار العشرات بل المئات من المواطنين في قريتها، وهي تستكمل مهنة والدها التى ورثتها عنها منذ سنوات طويلة، وسط العديد من الإنتقادات التى تواجهها جراء عملها جزارة بإحدي المحافظات الجنوبية.
فعلي مدار مايقرب من 15 عاماً، لا تزال نورا بسيوني، تعمل في مهنة الجزارة، لتكون أول جزارة في محافظة قنا، وقد تكون أصغر جزارة في محافظات الصعيد أكملها، غير عابئةً للعادات والتقاليد الصعيدية، التى تحرم عمل المراة في مهن بعينها

نورا بسيوني أحمد، البالغة من العمر 26 عاماً، المقيمة بقرية المحروسة غرب مركز قنا، التى بدأت عملها في مهنة الجزارة بمساعدة والدها، في محله الخاص منذ أن كانت تبلغ من العمر 11 عاماً، وبعد ان تعرض والدها لوعكة صحية أدت لوفاته، إستمرت في في عملها بمحل والدها لتساعد أشقاؤها الذين إستمروا في مهنة والدها.
وعلي الرغم من صغر سنها، إلا ان صاحبة العقد الثالث من العمر، إستكملت عملها مع أشقاؤها الإثنين، لتكمل منذ أيام قليلة عامها الخامس عشر في مهنة الجزارة، بعد ان تحولت من الطفلة التى تساعد أشقاؤها الي المعلمة نورا أصغر جزارة بمحافظة قنا، قائلةً”انا اتعلمت الشغل والجزارة وحبيت الشغل بعد ما أبويا مات وهو اللى علمني كل حاجة”.
وتقول المعلمة نورا في حديثها لـ”تحت القبة”: إنها بدأت العمل مع والدها الذي علمها أصول المهنة، حتي توفي واستمرت في عملها مع اشقاؤها، الذين ساعدوها في إستكمال أصول المهنة، لافتةً إلي إن أشقاؤها أصبحوا يقومون بذبح العجول وسلخها، ويتركون لها مهنة البيع وتقطيع اللحمة قائلةً”انا بشفي اللحمة وأقطعها وابيعها للناس”.
وتضيف أصغر جزارة بالصعيد، إنها أحبت مهنتها بل وصل الأمر إلي إنها تعشق مهنتها، حتي وصل بها الحال إلي كونها ترفض فكرة الزواج لأنها تحلم بأن يكبر مشروعها وتستمر فيه، ويصبح لديها بدلاً من محل الجزارة أكثر من محل، قائلةً”ده من حبي وعشقي لمهنة الجزارة، انا اتعودت كل يوم أمسك السكينة وأقطع اللحمة”.
تبدأ المعلمة نورا الجزارة، عملها منذ التاسعة صباحًا وحتي الخامسة عصرًا يوميًا، حيث تبدأ يومها بفتح المحل إنتظاراً لوصول أشقاؤها من – السلخانة – عقب الإنتهاء من ذبح العجل او الماشية التى سوف تبيعها، ثم ترتدي البالطو الأبيض، وتبدأ في تقطيع اللحوم، إنتظاراً لبيعها لزبائها ورواد محلها الكائن بقرية المحروسة.
وتابعت المعلمة نورا، إنه علي الرغم من كون الجزارة مهنة تقتصر علي عمل الرجال، إلا إنها احبت تلك المهنة، وحفظت أصولها وطريقة تقطيع اللحوم وبيعها للمواطنين، منوهةً الي إنها تحدت التقاليد التى تجرم عمل المراة في اعمال بعينها، ولكن الأهالي وزبائنها يشجعونها ويدعمونها في عملها، قائلةً”الناس بتتصل بيا قبل ماتيجي عشان اجهزلها الكميات بتاعتها وفيه ناس كتير بتكلمني ببعتلها اللحمة لغاية البيت لأنهم أصبح لديهم ثقة فيا وفي عملي خلال السنوات الماضية”.

وأشارت أصغر جزارة بالصعيد، إن عمل المراة في اي مهنة شريفة، ليس عيبًا، وليس ضدد الدين، ولابد ان تتحدي المراة اي عادات او تقاليد تحرمها من ممارسة اي عملاً يمكن من خلاله ان تنفق علي نفسها بالحلال، قائلةً”المحل ده انا واخواتي بنصرف بيه علي أسرتنا ومش عيب ولا حرام الشغل في اي شغلانة شريفة وفي حالتي دي أنا بعتبر نفسي أخوهم التالت لأني مسكت الساطور من 15 سنة”.
وذكرت المعلمة نورا، إن اهالي قريتها التى تقيم فيها، في البداية إنتقدوا عدة إنتقادات لوقوفها في محلاً وعملها جزارة في أمر غير معهود لأهالي محافظات الصعيد، وذلك نظراً للعادات والتقاليد التى يعتقدون فيها، إلا أنها أكدت لهم إنها سوف تستمر في عملها ولن يثنيها أحد عن عملها مهما كان الامر ومهما كلفها الأمر.
ومن جانبه يقول جمال بسيوني، شقيق أصغر جزارة، إنه يساعد شقيقته في عملها بمحلهم بالقرية، ولا يبالون لنظرات المواطنين، الذين يحاولون توجيه الإنتقادات السلبية له ولأسرتهم، موضحًا أن الجميع في القرية تعود علي شقيقته التى تعمل في محل الجزارة، والتى تقوم بتقطيع اللحوم وبيعها لزبائنها، قائلاً”بروح أدبحلها الماشية في المدبح وباجي اعلقهالها في المحل وهي بتشتغل تقطع وتبيع”.

وأورد شقيق المعلمة نورا، إن هنالك العديد من الإنتقادات التى وجهت له ولشقيقه بسبب عمل شقيقته في المحل، ومساعدتهم لها، إلا إنه لم يلتفت لها، ومع مرور السنوات، إنتهت تلك الإنتقادات السلبية التى كانت توجه لهم، خاصةً مع حب الزبائن التى إكتسبته شقيقته سواء من الذكور أو الإناث، قائلاً”الناس بتحبها ورايداها”.
فيما أكد كمال بسيوني، الشقيق الأكبر للمعلمة نورا، إنه وشقيقه لم ينظروا لأي إنتقادات سلبية من قبل المواطنين جراء عمل شقيقتهم في مهنة الجزارة، لافتاً الي إن هنالك العديد من المواطنين يشجعونها، بل إنهم يتواصلون معها يوميًا لتقوم بتجهيز اللحوم إليها، فهي لا تفعل شيئاً ضدد الدين او خارج عن حياؤها إطلاقًا
