يقول المثل الشعبي “مفيش حاجة بتفضل على حالها”، وإنطلاقًا من أن الأحزاب السياسية جزءًا من المجتمع وتهدف لتحسين أوضاع المواطنين من خلال التفاعل مع مؤسسات الدولة، وجرت العادة أن الأحزاب دائمًا ما تصعد أسهمها في فترات زمنية معينة وتنخفض أو تخفت تمامًا في فترات أخري، وهو ما حدث في مصر خلال العقود الماضية.
أنشئ حزب المصريين الاحرار في أبريل 2011، تحت قيادة الدكتور احمد سعيد، وبرعاية من رجل الأعمال نجيب ساويرس، لكونه المؤسس والممول وضم إليه عددً امن الشخصيات العامة والمعروفة وخاض أول انتخابات تشريعية بعد 25 يناير 2011، في إطار انتخابات مجلس النواب في عام 2012، تحت اسم “الكتلة المصرية”.
وفي عام 2015 خاض الانتخابات منفردًا وفاز فيها بعدد 65 مقعدًا (57 فردي – 8 قائمة)، ليحتل بها المركز الأول كأكثر الأحزاب حصولاً على مقاعد البرلمان، إلا أنه سرعان ما دبت الخلافات داخل الحزب وتكونت جبهتين أحدهما يتزعمها مؤسس الحزب نجيب ساويرس والأخري يتزعمها الدكتور عصام خليل والنائب علاء عابد، واستمرت الأمور لفترة مؤقتة لتدب الخلافات مجددًا بين الدكتور عصام خليل والنائب علاء عابد، سببها الرئيسي موقف الحزب من الانضمام إلى ائتلاف “دعم مصر” النيابي ومن ثم خرج بعدها علاء عابد متقلدًا منصبه في حزب مستقبل كنائب لرئيس الحزب.
فريق موقع “تحت القبة” أجري رصدًا معلوماتيًا دقيقًا حول أحد الأحزاب القوية في الشارع وهو حزب المصريين الأحرار، فوجدت تراجعًا ملحوظًا ربما يصل إلى حد الانهيار السياسي يؤدي إلى تحول الحزب لأن يكون ذكري سياسية كانت ناجحة في فترة بناءه لتنحصر بعد ذلك الأضواء عنه بعد تضافر مجموعة من محفزات الانهيار التكتيكي السريع، رغم أنه حزبًا كان له دور صاحب مؤثر في انتخابات مجلس النواب 2015، لكن في مجلس الشيوخ الحالي وضعت الكثير من علامات الاستفهام التى يتجاهل قيادات الحزب الاقتراب منها كأنها ألسنة لهب قد تحرقهم أنفسهم.
فحزب المصريين الأحرار كان من المفترض أن يكون حاضراً خلال تفاوض الأحزاب حول القائمة الوطنية “من أجل مصر” لخوض انتخابات مجلس الشيوخ، ولكن ما حدث أنه لم توجه له الدعوة للحضور لانه عندما عرض عليه النسبة المخصصة له في القائمة، والتى تبلغ 4 مقاعد فقط في إطار القائمة الانتخابية، تم رفضها من قبل قيادات الحزب بقيادة عصام خليل، على اعتبار أن ثقلهم السياسي أكبر من هذه النسبة لما يمتلكونه من عدد كبير من الوحدات الحزبية في المحافظات وعدد من النواب، لكن حزب مستقبل وطن كان أكثر ذكاءًا في احتواء حزبي الوفد وحماة وطن قبل أن يفكرا بنفس المنهج الذي اتبعه المصريين الأحرار ليعيدوا التفكير في الرجوع مرة ثانية إلى القائمة بعد الوصول إلى صفقة مثمرة لصالحهما.
عصام خليل أدرك بفطنته أن الداخل إلى المعركة الانتخابية لمجلس الشيوخ سيكون خاسرًا خاصة وأنه لن يقدر على أن يؤمن له مقاعد بنسبة قوية، لكن السؤال هو إذا كان المصريين الاحرار يعتبر نفسه مؤثرًا في الساحة السياسية فلماذا لم يتقدم بمرشحين له على مقاعد الفردي بعد أن خيبت القائمة الوطنية “من أجل مصر” آماله في الحصول على عدد لائق من المقاعد، وكذلك إذا كان المصريين الأحرار يعتبر نفسه حزبًا قويًا ومؤثرًا في الشارع فلمن سيوجه أصواته في الانتخابات القادمة أو من سيدعم، هل سيوجه أصوات أعضائه لمرشحي القائمة الوطنية وحزب مستقبل وطن، أم لمرشحين أخرين، أم سيترك أعضائه يختارون من يشاءون من المرشحين المتنافسين.
كما يطرح المشهد سؤالًا ملحًا حول هل مشاركة المصريين الأحرار تعني الخروج من العملية السياسية بشكل كامل أم بشكل مؤقت أى هل سيتكرر نفس المشهد في انتخابات مجلس النواب القادمة أم أنه من الممكن أن يتوصل الحزب لصفقة سياسية تُرضي تطلعاته في مجلس النواب باعتباره الغرفة الأولى للبرلمان والأكثر زخمًا.
هل يعني بشكل ضمني الانسحاب من الانتخابات أو أنه سيعطي تعليمات لأعضائه بعدم الخروج أو النزول خاصة أنه لم يصدر أى بيان رسمي يدعو فيه أعضائه للمشاركة في الانتخابات وهو سؤال أكثر أهمية، فإذا كان الحزب غير مستعد للتفاوض أو غير قادر على الحصول على حصة في القائمة الوطنية فهل هو بنفس القدر يستطيع أن يمنع أعضائه من لخروج للتصويت في الانتخابات.
كما من الملفت أن الحزب في الفترة الحالية يقوم باجتذاب سياسيين جدد من كافة التيارات الفكرية مثل الكاتب هاني لبيب في منصب أمين الإعلام، والذي تم تعيينه أيضًأ عضواً بالهيئة العليا للحزب، ومحمد حلمي البنا الذي أصبح أمينًا لأمانة المجالس المحلية المركزية بالحزب، بعد أن كان أحد الشخصيات البارز في حزب مستقبل وطن بالجيزة، إلا ان محمد البنا ترشح في انتخابات مجلس الشيوخ الحالية مستقلًا، رغم أنه قيادي مركزي في حزب المصريين الأحرار، ولكن سرعان ما أعلن عن تنازله عن الترشح لـ”أسباب خاصة” من الواضح أنه لها علاقة برضاه عن سياسات الحزب.
فهل وجود الحزب خارج النسق العام للعملية الانتخابية الراهنة هو بمثابة إجراء داخلي للحزب تم الاتفاق عليه بين قياداته أم أن عصام خليل نفسه يري أنه من الأفضل الوقوف في الوقت الحالي على مسافة محايدة مع الجميع.. وهو ما دفع الكثيرين داخل الأوساط السياسية إلى الحديث عن دور محتمل للمصريين الأحرار في انتخابات مجلس النواب القادمة وكل ذلك محض توقعات ولكنها ستكون في تلك اللحظة مدفوعة بقبول أى حصة من أجل إعادة إحياء الموتي.






