أبواق عديدة تحاول النفخ في نار الوقيعة بين مؤسسات الدولة وتسعي لزرع الوقيعة بين مجلس النواب ووزارة الأوقاف من جهة ومشيخة الأزهر وعلى رأسها الدكتور أحمد الطيب الإمام الأكبر من جهة أخري، فتنشر أنباء عن تجاهل البرلمان لخطاب فضيلة الإمام، وإظهار أن الأمر بمثابة صراع على السلطة وليس إصدار قانونًا لتنظيم شئون الإفتاء في مصر لمحاربة الأفكار التى تسعي لهدم ثوابت الدين الإسلامي وظهور أشباه دعاة يروجون لهدم الدين وإشاعة الفوضي الأخلاقية في المجتمع.
بعض الصحف والمواقع الإخبارية المصرية، تبنت وروجت وسوقت لفكرة أن مجلس النواب يُعادي مشيخة الأزهر ويتعمد الإقلال من شأنها ملمحة بذلك إلى نقاشات فكرية سابقة حدثت بين سياسيين وأكاديميين مع الإمام الأكبر، وهو ما يروج لإحداث وقيعة تُشارك فيها وسائل إعلام مدعومة فكريًا من أحزاب سياسية بشكل مباشر أو غير مباشر، وهو ما يضع الكثير من علامات الاستفهام حول الدور الذي يلعبه الإعلام في إحداث وقيعة دينية وهو طرح قد يكون خاطئ لكن الحذر مطلوب خاصة في ظل عدم وجود ضوابط أخلاقية لدي البعض في تحري الدقة وتوخي الحذر عند التعرض للمسائل المثير للجدل، لأن إعلام الجماعة الإرهابية يرصد كل ما يُنشر في الإعلام المحلي ويٌفسره ويسوقه على أنه انقسام ويزيد في تفسيرات لتحقيق أهدافه.
“تجاهل البرلمان لشيخ الأزهر في أخذ رأيه في قانون تنظيم دار الإفتاء “.. فكرة باطلة يُراد به الحق وهو حرية التعبير عن الرأي وإدعاي المعرفة ببواطن الأمور، في حين أن حقيقة الأمر كان ولايزال مجلس النواب هو منصة لكل الآراء ومن مختلف التيارات لفكرية والدينية والثقافية والاجتماعية لأن تشكيل أعضائه يتم على هذا النحو، فالإدعاء بتجاهل إحدي أهم مؤسسات الدولة والتى تُعتبر بمثابة وزارة للشئون الدينية وسفيرًا للعلاقات الدبلوماسية الخارجية بالإضافة لدورها التوعوي الداخلي ومواجهتها للإرهاب والأفكار الهدامة، إنما يُعد هدمًا صريحًا لثوابت الدولة المصرية وسعيًا في الفساد والإفساد.
وقد أعلنت مشيخة الأزهر أمس الأحد عن إرسال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، خطابا، للدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، مطالبا بحضور الجلسة العامة المنعقدة لمناقشة مشروع قانون تنظيم دار الإفتاء -حال الإصرار على إقرار هذا المشروع رغم ما به من عوار دستوري – وذلك وفاءً بالأمانة التي أولاها الله تعالى له، وعرض رؤية الأزهر في ذلك المشروع الذي من شأن إقراره أن يخلق كيانًا موازيًا لهيئات الأزهر، ويجتزئ رسالته، ويُقوِّض من اختصاصات هيئاته، على حد ذكر الخطاب لذي حصل موقع “تحت القبة” على نسحة منه.
واحترامًا من الدولة ولجنة الخمسين التي صاغت الدستور ومجلس النوب الذي حافظ على مواده، فقد ميز الدستور المصري مؤسسة الأزهر الشريف بأن جعلها المرجع الأساس في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، والمسؤول عن الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم.
جدير بالذكر ان جدول أعمال مجلس النواب اليوم الاثنين، تم وضعه وإرساله للأعضاء والصحفيين البرلمانيين قبل موعد إرسال خطاب شيخ الأزهر، بأكثر من 24 ساعة، وهو ما جعل دعوة البرلمان لفضيلة الإمام بعيدة عن التنفيذ نظرًا للأمور البروتوكولية التى يجب أن تمر بها الدعوة بشكل رسمي ومن خلال قنوات محددة.
ويسعي المخربون عبر وسائل الإعلام لإظهار النقاشات على أنها صراع واختلاف وجهات النظر على أنها ترصد، ويمنحون على كلمة وكل حرف معني سياسي ويصورون أن المسائلة برمتها ما هي إلا صراع وماراثون بين مؤسسات الدولة التى تسير بخطي محددة لتهميش أقدم المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي، لكن ما يحدث ما هو إلا سموم تُبث يوميًا من أجل إحداث الفُرقة والوقيعة وإشعال نار لا يقدر على أن يطفئها سوي الله بمشيئته.
وتبقي التساؤلات المُحيرة: من في مصلحته إحداث وقيعة بين المؤسسات الدينية الأكثر إتزانًا في الدولة وهي مشيخة الأزهر ووزارة الأوقاف، ولماذا يتم إقحام مجلس النواب المنتج بإرادة شعبية في صراع مُفتعل الهدف منه تنفيذ وقيعة إرهابية تُديرها أذرع إعلامية وسياسية ممولة قطريًا وتركيًا؟ وهل يدرك الشعب المصري بفطنه الواعي وتحذر وسائل الإعلام بأنامل المسئولية عما تُوقع فيه الدولة عن قصد أو عدم قصد؟