بينما تحتفل الأحزاب السياسية ومرشحي انتخابات مجلس الشيوخ، بالمؤشرات الأولية وما نتجت عنه من فائزين وخاسرين وآخرين دخلوا في جولة الإعادة، فوجئت الأوساط السياسية بصوت مبحوح قادم من حزب المحافظين صاحب القاعدة الجماهيرية المعدومة في الشارع المصري، رغم أنه ليس حزبًا نخبويًا يقتصر على المثقفين أو غيرهم من الفئات لكنه في النهاية يُعتبر أحد الكيانات الحزبية الحاضرة الغائبة أو كما يقول عليه السياسيون “حزب بلا نكهة” رغم إتباع الليبرالية الغربية.
ولم يكن مستغربًا على النائب أكمل قرطام مؤسس ورئيس حزب المحافظين، الذي حاول إحراج مجلس النواب بالتغيب المتكرر عن حضور جلساته تارة، وبالتحالف مع محمد أنو السادات الذي سعي لتسريب معلومات حساسة عن التشريعات المصرية إلى سفارات دولًا غربية أن يدعي الجهاد في سبيل الوطنية تارة أخري.
ويُحمل “قرطام” أطراف أخري مسئولية اخفاقاته المستمرة في تحقيق أى هدف في الملعب السياسي، وبعيدًا عن اهتمام أكمل قرطام بأناقته وخضوعه لعمليات تجميل في الوجه لكنه يظل نائبًا منتخبًا عن الشعب ضمن قائمة من أجل مصر وعندما دخل مجلس النواب أصبح من أشد المهاجمين لكل من انتموا لهذه القائمة في تحول عبثي مثير للتساؤلات خاصة وأنه مرافق دائم لصديقه محمد السادات لفرنسا وهولندا على حد ذكر العديد من السياسيين.
لماذا عاد الحديث عن أكمل قرطام وحزبه “الملاكي”؟.. الإجابة بسيطة فالرجل الذي يسيطر على حزبه الصغير حجمًا وتأثيرًا أمر الهيئة البرلمانية لحزب المحافظين، بإصدار بيانًا مساء اليوم الخميس، يؤكد فيه أن ما حدث في انتخابات مجلس الشيوخ يؤكد ما حذر منه الحزب، وذكر عدة نقاط هي:
- فوز القائمة الوطنية من أجل مصر (أطلق عليها اسم القائمة المطلقة المغلقة بدون منافسة)، هو استبعاد حقيقي لممثلين حقيقيين للشعب المصري.
- حذرنا من هيمنة السلطة على الحزب وإذ بنا نجد أجهزة الدولة تتدخل لتعلية أحزابها في الشارع من خلال الرشاوي الانتخابية وتوزيع الكراتين في مشاهد للأسف أظهرتنا أمام العالم بمظهر مؤسف مع ممارسة أسلوب الضغط على الناخبين من الموظفين والعاملين في الشركات.
وأضاف بيان الهيئة البرلمانية: “ونحن كنا نستشعر كل هذه الأمور وحذرنا منها في حوار الأحزاب الذي تم في حزب مستقبل وطن في يناير الماضي، ومصر لن تنجو من عثراتها إلا بنظم ديمقراطية تدفع الشعب للمشاركة والانخراط في الحياة السياسية والشان العام.
وبحسب بيان الهيئة البرلمانية للحزب: “ولذلك حزب المحافظين كان مستشرفًا لما سيحدث وكان قراره صائب في عدم المشاركة في هذا التحالف”.
ومن هذا المنطلق هناك العديد من الأسئلة تطرح نفسها على الساحة لتوجه علامات الاستفهام لقيادات حزب المحافظين: متي أخر مرة نزلتم إلى الشارع او اتخذتم قرارات قوية تحت قبة مجلس النواب، وما هو معيار القوة من وجهة نظركم هل بالصوت العالي أم بتحقيق المصالح العامة للدولة بعيدًا عن المصالح الضيقة للبعض ومحاولة الظهور الإعلامي محليًا وعالميًا بدور “الشهيد”؟، وكم مرة تقاضي رئيس الحزب والآمر الناهي فيه أكمل قرطام مكافآت مجلس النواب دون أن يحضر جلساته واجتماعاته؟ ولماذا حاول الاستقالة والتخلي عن واجبه الوطني مفضلًا الهروب من أرض المعركة بدلًا من البقاء والانتصار لرؤيته إن كانت صحيحة؟
وما سر العلاقة القوية بين “قرطام” و”محمد السادات”، ولماذا يصر “أكمل” على تمثيل دور المُعارض في الحياة السياسية بينما هو مجهول الشعبية في الشارع ولولا دخوله في تحالف انتخابي لم يكن لحصل على أصوات أحد شوارع المعادي في انتخابات 2015؟، والأهم من كل ذلك لماذا ينخدع السياسيون في معرفة حجمهم الحقيقي ويحاولون باجتهاد زيادة نفوذهم بقوانين اللعبة السياسية وليس بتهور صبياني؟